التخطي إلى المحتوى

على الرغم من كثرة المطاعم التي تتغنى بالحنين إلى الأم، تجد الشيف الفلسطينية سلام دقاق، أنها من السباقين في هذا التغني والحنين إلى والدتها مريم، التي أرادت أن ترد لها ولو جزءاً من اهتمامها بمطبخها وعائلتها، فافتتحت مطعم «بيت مريم» الذي يحمل اسم أمها، ووصفاتها، وطابع ديكور مطبخها، فهي من أخذ بيدها ليوصلها إلى مكان تكون فيه مع ذاتها وشغفها، لتعمل على تحقيق أحلامها وطموحاتها، التي أوصلتها إلى الفوز بجائزة ميشلان، بصفتها أفضل طاهية في منطقة الشرق الأوسط.

حافظوا على النكهات الأصلية، فالحنين يبقى إلى القلاية والطنجرة القديمة والملعقة النحاسية

تربية لا تنساها الشيف سلام من أمها، التي تجسد معها أجمل مفهوم للصداقة، الخالية من القسوة.. أمها مريم، التي كانت تتفرد بمطبخها لتحضر الأطباق بنفسها لعائلتها، والتي تعدها غذاء الروح، تتابع قائلة: «كنت كلما طلبت منها أن تعلمني تقول لي، ستتعلمين بالفطرة، اجلسي بجانبي وراقبيني، وستجدين نفسك قد تعلمت، وعندما كبرت وتزوجت، لم أكن أجيد الطبخ، لكنني طالما تذكرت كلامها وطريقة إعدادها للوصفات، وتنظيمها لموادها، وكنت أعود إلى استشارتها عندما أجد وصفتي لم تصل إلى درجة نكهة وصفاتها، كانت تقول لي: «أحبي طبختك واعمليها لقلبك وروحك».

 

«شلباطو»

الشيف سلام دقاق

ولدت سلام في مدينة ترشيحا، قضاء عكا، وهي قريبة من جنوب لبنان، يسكنها تجار كثيرو التنقل، وقد حملوا معهم ثقافات المطابخ الأخرى، من البلدان التي زاروها، فتميزت مذاقات موائد أهلها بروعة بهاراتهم، وتقنياتهم في تقديم الطعام، تستدرك قائلة: «ارتبط الكثير من الأطباق بقصص شعبية، وقد يكون لها علاقة بالعائلات، مثلاً المقلوبة كان اسمها الباذنجانية، وقد سميت مقلوبة؛ لأنها قلبت في ساحات الأقصى عند تحرير صلاح الدين الأيوبي، كما عندنا طبق يسمى «شلباطو»، وهو البرغل ببندورة، وتعود التسمية إلى أصل كلمة «شلّ الباط»؛ حيث كان الفلاح يحصد البندورة والبصل، ويضعه تحت إبطه. ببساطة، كان يمارسون تدوير الطعام من أيامها، ويحضرون طبقاً مما يتوافر عندهم».

الكبة الترشحانية

يتميز المطبخ الفلسطيني تحديداً في استخدام زيت الزيتون، الذي لا تخلو منه وصفة، وكذلك باستخدام السماق والزعتر بامتياز، كما تتميز بلدة سلام بالكبة النيئة الترشحانية، التي تحضر وفق طقوس خاصة جداً، منها أن تكون المرأة وحدها عند إعداد الوصفة، للحكم على الوصفة بالنفس ونظافة المكان، تتابع قائلة: «زارتني زبونة إماراتية، وبعدما انتهت من طعامها، طلبت مني سرد قصة المطعم، وفي نهاية الحديث، قالت لي أتعرفين، أنا لم أتناول أكلك اليوم، أنا أكلت من طعام مريم».
عاشت سلام طفولتها بين عمَان والسعودية، عشقت فيها المطبخ الخليجي، ببهاراته ومكوناته، ونكهاته الأخاذة والقوية، فتعلمت منهم الكثير، ومنها الكبسة السعودية، التي تقدمها بوصفها طبقاً يومياً في مطعمها، الذي تضع فيه كل ممتلكات مريم، بدءاً بماكينة الخياطة وجرن الكبة، ولوحاتها وأطباقها، لتضيف لمسة عائلية، تجعل كل زبون يدخل يشعر بحنين المكان، وتلك الطاقة الجميلة التي تبعث السعادة في النفس.
نقترح عليك قراءة اللقاء الخاص مع الشيف إلياس رحيم: ما زلت أتعلم من أمي .. مدرستي الأولى

أضيفوا الكزبرة!

الشيف سلام دقاق

فازت الشيف سلام دقاق في دبي بجائزة أفضل طاهية في منطقة الشرق الأوسط، إضافة إلى جائزة «بيب غورمان» Bib Gourmand من دليل ميشلان العالمي، وجاء هذا الإعلان بعد التصويت الذي سجلته أكاديمية أفضل 50 مطعماً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي تضم 250 من نخبة رواد قطاع المطاعم في المنطقة، تستدرك قائلة: «كنت أحلم، لكنني لم أتصور أن يصبح الحلم حقيقة، فقد نلت جائزة ميشلان، ولم أتوقع أن اللجنة زارت مطعمي، فعندما تواصلوا معي عبر الإيميل دهشت ولم أصدق، وظننت أنهم مخطئون في الاسم، قرأته مرات ومرات.. كان إحساسا أكثر من رائع؛ لأنني عملت بحب ونلت، أنا ممتنة أولاً لله سبحانه وتعالى الذي أعطاني الكثير، ثم للناس الذين وثقوا بي وبمطبخي، ولزوجي وأولادي الذين أعطوني مساحتي كي أبدع بحرية، ولا أخفيكم أن التكريم له رهبة قوية، لكنني بعد أن استلمته وعدت إلى مقعدي تكلمت مع المساعدين في مطعمي، لأنبههم من نسيان الكزبرة، فوق الملوخية، كما تم اختياري في فوربس ضمن أفضل 50 سيدة أعمال في الستين من عمرها، فأنا دائماً أقول إذا وجدتم رغبة في قلوبكم لإنجاز أمر مهما بلغتم من العمر فقوموا به».
الشيف سلام التي ابتكرت فتة المسخّن، ومريم فخارة وكبكوبة، تستبعد وجود هذه الأكلات في مطعم آخر، إلا المقلدة منها، كما تؤيد تطوير أطباقنا، ربما بطريقة التقديم فقط، للوصول إلى العالمية، وقد فعل هذا شباننا وشاباتنا، وبحرفية كبيرة، لكن برأيها أنه لا بد من الحفاظ على النكهات الأصلية، فالحنين يبقى إلى القلاية والطنجرة القديمة والملعقة النحاسية.

الوجوه الفنية العربية

تعتمد سلام على المواد الأولية في الأسواق الإماراتية، التي وفرت لكل المطاعم جميع المكونات من بلدانها الأصلية، تتابع: «في الإمارات شركات إيطالية وفرنسية وفلسطينية وغيرها الكثير، وهذا أمر وفر علي جهداً، فأنا أشتري ما يلزمني، وما ينقصني أوصي عليه من فلسطين، ومن جميع البلدان العربية».
كثير من زوار بيت مريم هم من أهل الفن والفنانين العرب، وكبار الشخصيات الإماراتية، تعلّق: «لا يحضرني تسميتهم جميعهم، لكن أبرز الوجوه الفنية العربية والخليجية، زارت مطعمي، كنت أتفاجأ من حضورهم، وأستمتع بأحاديثهم، وتدور بيننا حوارات، لم أكن أتخيل أنني سأجريها، كما أنني لم أتعرض لأي موقف محرج؛ لأن كل من يدخل إلى بيت مريم، كأنه يزور بيته، ويمكنه أن يطلب أي شيء إضافي، وهناك زبائن تنسى أن تدفع، لإحساسها بأنها فعلاً في بيتها، وهناك من يتركون معاطفهم على كرسي».
ومن عالم الطبخ أيضاً اخترنا لك الشيف آلاء فاروقة: صنعت حلويات لـ 150 يتيماً دعوتهم في يوم ميلادي

The Chef’s Recipe
فتة الباذنجان

فتة الباذنجان

المقادير:

  • 200 غرام لحم بقري مفروم
  • 100 غرام بصل أحمر مفروم
  • 8 غرامات ملح
  • 5 غرامات سبع بهارات
  • صلصة الزبادي الدهنية
  • 90 غراماً طحينة +1 600 غرام زبادي + 8 غرامات ثوم + 8 غرامات ملح + 5 غرامات ملح ليمون

صلصة الطماطم

  • 1200 غرام طماطم + 7 غرامات ثوم + 8 غرامات ملح + 5 غرامات فلفل أسود + 80 غراماً زيت زيتون + ملعقة معجون طماطم

مقادير الفتة

  • 400 غرام مكعبات باذنجان مقلي
  • 100 غرام مكعبات خبز لبناني مقلي
  • رشة واحدة من مسحوق القرفة
  • 24 غراماً لوز مقلي
  • بوصة واحدة بقدونس مفروم ناعم للتزيين

طريقة التحضير:

  1. سخني المقلاة، واقلي البصل بزيت الزيتون، ثم أضيفي اللحم المفروم، واتركيه على النار حتى ينضج جيداً ويجف الماء، ثم أضيفي الملح والفلفل وارفعي.
  2. اخلطي جميع مكونات صلصة الزبادي في وعاء دفعة واحدة.
  3. قطّعي مكعبات الطماطم وضعيها على النار حتى يتبخر 70% من الماء، ويصبح قوامها سميكاً قليلاً، ثم ضعي المقلاة جانباً وشوحي الثوم في زيت الزيتون، ثم أضيفيه فوق الطماطم، ورشي بالملح والفلفل، ثم أضيفي معجون الطماطم، وارفعي الصلصة عن النار.
  4. في مقلاة، ضعي صلصة الطماطم مع اللحم المفروم ومكعبات الباذنجان المقلي وأعيدي تسخينها جيداً.
  5. في صحن التقديم، اسكبي المزيج ثم غطيه بصلصة الزبادي الدهنية، وأضيفي الخبز اللبناني المقلي فوق الزبادي، ورشي مسحوق القرفة، ثم أضيفي المكسرات، وقدمي طبقك.

تكفي لـ 4 أشخاص – مدة التحضير: ساعة واحدة
تابعي اللقاء الخاص مع الشيف الإماراتي علي الأنصاري: أطباق أكل الشوارع مقصد السياح

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *