اقرأ في هذا المقال
- الإمارات تستهدف الاكتفاء الذاتي من الغاز قبل انتهاء عقد خط دولفين
- موارد الغاز المتبقية في الإمارات ليست سهلة، ولا رخيصة للتطوير
- ما تزال معظم مشروعات زيادة إنتاج الغاز في مرحلة التخطيط
- التكاليف المرتفعة تمثّل تحديًا أمام الاكتفاء الذاتي من الغاز
يعدّ طريق الإمارات لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي بحلول 2030 وتصدير الغاز المسال، محفوفًا بالعديد من التحديات الصعبة، التي تتطلب من البلاد ضخ استثمارات ضخمة، والتنفيذ السريع، في ظل أزمة ارتفاع التكاليف وسلاسل التوريد.
وطرح تقرير حديث لشركة الأبحاث وود ماكنزي تساؤلًا يوضح التحدي الذي تحاول شركة أدنوك الإماراتية التغلب عليه لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز، والمتمثل في “كيفية الاستمرار في تلبية الطلب المحلي ومضاعفة الطاقة التصديرية للغاز 3 مرات، ووقف واردات الغاز من قطر خلال 9 سنوات”.
واستعرض التقرير الذي تناول خطة الإمارات لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز 3 سيناريوهات محتملة بناءً على وتيرة تقدّم المشروعات، وفقًا لما اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة.
ما الوضع حاليًا؟
تستهدف إستراتيجية الإمارات للطاقة تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز بحلول عام 2030، أي قبل عامين من انتهاء صلاحية عقود خط دولفين الرابط بين قطر والإمارات، وينقل الغاز من حقل الشمال إليها.
ومنذ عام 2008 تعتمد البلاد على قطر في توفير نحو 1.9 مليار متر مكعب (67 مليار قدم مكعبة) من الغاز لتلبية احتياجاتها، عبر خط أنابيب دولفين البالغ طوله 364 كيلومترًا، كما تستورد دبي الغاز الطبيعي المسال دوريًا لتلبية ذروة الطلب، خاصة خلال أشهر الصيف الحارة.
ورغم أن الإمارات وضعت خطة للاستفادة من مواردها الكبيرة في زيادة إنتاج النفط والغاز قبل انتهاء صلاحية عقود خط دولفين للغاز، ترى وود ماكنزي أن موارد الغاز المتبقية ليست سهلة، ولا رخيصة للتطوير.
ويشير التقرير إلى أن هدف أدنوك لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز دفعها إلى دراسة جميع الخيارات، من بينها الغاز عالي الحموضة، الذي يعدّ مرتفع التكلفة، بالإضافة إلى تطوير الغاز الصخري غير التقليدي والأغطية الغازية -غطاء الغاز الطبيعي الموجود فوق مكامن النفط-.
وبالتوازي، تشمل إستراتيجية الطاقة تقليل استعمال الغاز في توليد الكهرباء عن طريق زيادة حصة الطاقة الشمسية والنووية مجتمعة، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
وبحسب وود ماكنزي، من المقرر ارتفاع سعة الطاقة النووية في الإمارات إلى 5.6 غيغاواط بحلول عام 2024، وهو ما يوفر مليار قدم مكعبة يوميًا من الغاز، وبناءً على ذلك، من المتوقع أن يظل الطلب المحلي على الغاز ثابتًا على المدى القصير إلى المتوسط.
كما شهدت الأشهر الماضية اتّباع أدنوك بعض الخطوات لكي تصبح لاعبًا ومنافسًا دوليًا في سوق الغاز، وهو ما تمثَّل بشكل رئيس في تأسيس شركة أدنوك للغاز ديسمبر/كانون الأول 2022، وبدء أعمالها مع مطلع العام الجاري (2023).
وأدنوك للغاز هي عبارة عن دمج عمليات كل من شركة أدنوك لمعالجة الغاز وشركة أدنوك للغاز الطبيعي المسال، تحت مظلة شركة واحدة لتصبح بعدها واحدة من أكبر شركات معالجة الغاز عالميًا، بطاقة تتجاوز 10 مليارات قدم مكعبة يوميًا.
وفي مارس/آذار 2023، أُدرجت حصة تبلغ 5% من رأس مال شركة أدنوك للغاز في بورصة أبوظبي، ونجحت في جمع نحو 2.5 مليار دولار.
بينما شهد أبريل/نيسان 2023 تقديم شركة أدنوك عرض شراء غير ملزم إلى شركة النفط البريطانية بي بي بقيمة ملياري دولار، للاستحواذ على حصة من رأس مال شركة نيوميد إنرجي، التي تركّز عملياتها على شرق البحر الأبيض المتوسط.
وترى وود ماكنزي أن تلك الصفقة تجعل أدنوك لاعبًا عالميًا في مجال الغاز، مع إمكان الوصول إلى سوق الغاز في شرق البحر المتوسط، خاصة أنها أول صفقة دولية لأدنوك في مجال الاستكشاف والإنتاج.
تحديات أمام الاكتفاء الذاتي من الغاز
تتوقع وود ماكنزي ارتفاع إنتاج الإمارات من الغاز بحلول عام 2028، مع بداية تشغيل منشأة الغاز المسال الجديدة في منطقة الرويس، التي ستحتاج إلى استلام 1.5 مليار قدم مكعبة من الغاز.
وبلغ إنتاج الغاز الإماراتي 5.61 مليار قدم مكعبة يوميًا في العام الماضي (2022)، انخفاضًا بنسبة 0.6%، مقارنة بعام 2021، وفق بيانات معهد الطاقة البريطاني.
ومع ذلك، حذّرت الشركة من تعرض الإمارات لنقص في الغاز بحلول نهاية العقد الجاري (2030)، في حالة سرعة البدء بتشغيل أيّ مشروع جديد، أو العمل على تجديد عقد دولفين للغاز.
ووفقًا للتقرير، ما يزال معظم مشروعات البلاد لزيادة الإنتاج وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز في مرحلة التخطيط والتصميم، ما يتطلب ضرورة منح قرارات الاستثمار النهائية على الفور لتجنّب أيّ تأخير.
وترى شركة الأبحاث أن هناك تحديًا آخر أمام تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز يتمثل في ارتفاع التكلفة مؤخرًا، التي ألقت بظلال من الشك على حجم المشروعات ومواعيد البدء المخطط لها.
وبحسب ما ذكر التقرير، تسببت التكاليف المرتفعة في إلغاء اتفاقيات خدمات ما قبل البناء في مشروع تطوير حقلي “الحيل” و”غشا” للغاز الحامض، في الوقت الذي يعدّ فيه المشروع جزءًا مهمًا في تحقيق الاكتفاء الذاتي.
وتستهدف شركة أدنوك إنتاج نحو 1 مليار قدم مكعبة يوميًا من هذه الحقول البحرية عالية الحموضة، وفق المعلومات التي اطّلعت عليها وحدة أبحاث الطاقة.
كما تراهن أدنوك في خطتها لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز على موارد الغاز غير التقليدي الواقعة في امتياز حوض الذياب بمنطقة الرويس.
وتستهدف من ذلك الامتياز إنتاج 1 مليار قدم مكعبة يوميًا من الغاز الطبيعي قبل عام 2030، بالإضافة إلى احتواء الأغطية الغازية في حقلي أم الشيف وباب على موارد كبيرة.
ويرى التقرير أن جميع هذه المصادر الجديدة للغاز غير المصاحب التي تعول عليها أدنوك في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز تعدّ باهظة الثمن، وهو ما يؤدي بدوره إلى ارتفاع تكاليف الغاز المُسلَّم لمحطة الغاز الطبيعي المسال الجديدة.
وتؤكد وود ماكنزي أنّ التحكم في تلك التكاليف أمر ضروري حتى تكون شركة الرويس للغاز الطبيعي المسال قادرة على المنافسة، إذ ترى أن تأمين أسعار جذابة من المتعاقدين في ظل بيئة مرتفعة التكاليف مع أزمة سلاسل التوريد يمثّل تحديًا أمام الاكتفاء الذاتي من الغاز.
وأرجعت الشركة قرار أدنوك بالتخلّي عن منطقة الفجيرة لإقامة محطة غاز المسال الجديدة واستبدالها بمنطقة الرويس، إلى عوامل التكلفة وامتلاك مدينة الرويس بنية تحتية، مع قربها من حقول الغاز ومحطة الطاقة النووية.
وفي السياق نفسه، من المتوقع زيادة الغاز المصاحب في إطار استهداف أدنوك زيادة إنتاجها من النفط إلى 5 ملايين برميل يوميًا بحلول عام 2027، الأمر الذي يسهم بدوره في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز.
3 سيناريوهات متوقعة
توضح وود ماكنزي أن السيناريو الأساس المتوقع لديها يتمثل في بقاء سوق الغاز الإماراتية متوازنًا حتى يوليو/تموز 2032، وهو الوقت الذي تنتهي فيه عقود خط دولفين وتتوقف واردات الغاز من خلاله.
ومع توقّف خط دولفين، ستواجه الإمارات فجوة في توفير الغاز محليًا، ما يضطرها إلى استيراده لبضع سنوات إضافية لتوفيره للسوق المحلية ومواصلة تصدير الغاز الطبيعي المسال.
بينما يتضمن السيناريو الأسوأ، تعرُّض البلاد لنقص في الغاز بوقف مبكر من عام 2027، أي قبل وقت طويل من انتهاء عقود خط أنابيب دولفين، لافتة إلى مواجهة مشروعات زيادة إنتاج الغاز تأخيرات بسبب ارتفاع التكلفة وضغوطات سلاسل التوريد.
فيما يتضمن السيناريو الأفضل نجاح الدول في تنفيذ المشروعات وفقًا لما هو مخطط، وهو الأمر الذي ستحقق معه الاكتفاء الذاتي من الغاز، وتبدأ عندها أدنوك حقبة ما بعد دولفين مع زيادة كبيرة في المعروض من ذلك الوقود الأحفوري.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
التعليقات