التخطي إلى المحتوى

طوال أكثر من ثلاثة عقود فارطة كان السعوديون يضطرون للسفر إلى دول خليجية مجاورة من أجل مشاهدة أفلام السينما، لكن الحال تغيرت اليوم، وللمفارقة فإن ما حدث للسعوديين بات يجري لكثير من الكويتيين في “هجرة عكسية” من أجل الالتفاف على قوانين الحظر المفروضة في بلادهم على الأفلام، وآخرها فيلم باربي المثير للجدل.

وهو الفيلم الذي اعتبرته الكويت بعد منعه “مروجاً للشذوذ”. ونقلت في بيان حكومي عن رئيس لجنة رقابة الأفلام السينمائية لافي السبيعي، تأكيده بعد أيام من تفحص “الفيلم الوردي” حرص اللجنة “على منع كل ما يخدش الآداب العامة أو يحرض على مخالفة النظام العام والعادات والتقاليد ويدعو لأفكار دخيلة على المجتمع”.

قبل الحديث عما يمكن تسميتها بـ”الهجرة المضادة أو العكسية”، لا يزال يتذكر الشاب السعودي سعد الحميدي (39 سنة) رحلاته المتتالية إلى البحرين والكويت المجاورتين لبلاده من أجل مشاهدة الأفلام وآخرها عام 2017 حين كان يعرض فيلم “الجميلة والوحش” (Beauty and the Beast) ويقول”ذهبت إلى البحرين لمشاهدته، كانت الممثلة إيما واتسون مذهلة فيه”. وهو الفيلم الذي جرى عليه ما جرى لـ”باربي” إذ سحبته الكويت من دور السينما بعد عرضه بأيام.

ولم يعد الشاب الذي تحدث إلينا وهو يرتدي لباس السكان المحليين التقليدي بحاجة اليوم سوى لبضع مترات لدخول أقرب صالة سينما لمشاهدة الفيلم الممنوع عرضه في الكويت.

وكانت السعودية التي افتتحت أول صالة سينما في الرابع من أبريل (نيسان) 2018، بعد حظر دام أكثر من ثلاثة عقود، أول دولة خليجية تقوم بعرض الفيلم الملياري.

يقول سعد الذي يسكن الدمام ويعمل في منشأة طبية “لا أتذكر على وجه التحديد كم كانت تكلفني تلك الرحلات لكنها لا تقل عن خمسة آلاف ريال (1330 ألف دولار أمريكي) بعكس اليوم فأنا لا أحتاج سوى لـ 100 ريال ثمن التذكرة والفيشار”.

وبعكس سعد وثق مغردون كويتيون بعد إعلان بلادهم منع عرض “الفيلم الوردي” رحلاتهم نحو السعودية، وكتب أحدهم “الدنيا دواره” في إشارة لتغير الحال.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ونشر موقع ” 248am” المتخصص بالأفلام عبر “إنستغرام” سؤال “إن كنت في الكويت كيف ستشاهد باربي؟”، قبل أن يضم لمشاركته أقرب ثلاث مدن سعودية وهي الجبيل والدمام والخبر، وتعد الجبيل الأقرب للكويت بحسب المنشور، إذ تقدر المسافة بينهما بساعتين و20 دقيقة، تليها مدينة الدمام بمسافة تقدر بساعتين و50 دقيقة، والخبر بمسافة تقدر بـثلاث ساعات و15 دقيقة. وانهمر سيل من التعليقات الجادة والساخرة. أحدهم يسأل “هل توجد صالة سينما في الخفجي؟” وهي منطقة سعودية على مقربة من الحدود الكويتية. فيما كتب آخر “علي الانتظار لمتابعته عبر منصة نتفلكيس”. وبدا آخرون مع قرار منعه لأنه مخالف للشريعة بحسب رأيهم.

معركة باربي

وعلى ما يبدو أن التغير الثقافي المتبدل في الخليج بين انغلاق وانفتاح لم يكن ببعيد من مرأى ومسمع أعين الصحافيين في أقصى الكرة الأرضية بخاصة “نيويورك تايمز” التي كتبت أنه “على رغم أن الكويت ولبنان قد سبقتا السعودية بصالات السينما والسقف المرتفع من الحريات إلا أن  معركة “باربي” تجلى عنها تقدم لصالح السعوديين”.

ولم تفت الموقع الـ”هوليوودي” الآخر ذائع الصيت في أميركا ولدى الهوليووديين “ذا هوليوود ريبورتر” نقطة تبدل الحال بين السعودية وجاراتها بخاصة الكويت. إذ كتب “ثمة مفارقة تحدث.. كان السعوديون قبل سنوات يسافرون إلى دول الجوار لارتياد دور السينما، لكن بعد انفتاح بلادهم بات الكويتيون يذهبون إلى السعودية”.

 

 

ومن بين 59 ناطحة سحاب في مركز الملك عبدالله المالي بمدينة الرياض حيث أول صالة سينما في البلاد، تقول الشابة السعودية مي (35 سنة) “باربي هو درس لتقدير الذات”.

وتضيف الفتاة التي ترتدي عباءة ملونة مفتوحة بينما شعرها الأشقر منسدل على كتفيها “لا أعرف لمَ كل هذه الضجة حوله، الفيلم يجعل المرأة مكتفية بذاتها وقدراتها بعيداً من الكماليات من حولها”.

ويواصل فيلم “باربي” هيمنته على شباك التذاكر في صالات السينما الأميركية الشمالية، بعد شهر تقريباً من طرح العمل الذي بات ظاهرة عالمية على رغم الجدل الذي أثاره لدرجة منعه في بعض البلدان.

وقد دخل هذا الفيلم الذي أخرجته غريتا غيرويغ وأدى بطولته مارغو روبي ورايان غوسلينغ، الأسبوع الماضي تاريخ السينما بعدما أصبح أول عمل بتوقيع مخرجة تتجاوز إيراداته العالمية عتبة المليار دولار.

مليار دولار لصناعة السينما

يذكر أنه وللعام الخامس على التوالي لا تزال دور العرض السعودية تتربع على صدارة إيرادات شاشات السينما بالشرق الأوسط منذ طرح فيلم “ذا باتمان” خلال 2019 بالبلاد ليحصل على المركز الـ12 عالمياً من ناحية الإيرادات، بحسب ما أعلنت الهيئة السعودية العامة للإعلام في أبريل الماضي.

وفرض الإقبال المتزايد للجماهير توسعاً في دور العرض بالبلاد، إذ بلغ إجمالي دور السينما اليوم 66 داراً، مقابل 54 في 2021، وبلغ عدد الشاشات لسبعة مشغلين في المملكة 607 شاشة، تضم صالاتها 62.5 ألف مقعد، في 20 مدينة، ومن المرتقب أن يصل عدد دور العرض إلى 350 داراً تعرض 2500 فيلم في عموم المملكة وفقاً لبرنامج “رؤية 2030″، فيما تستهدف البلاد زيادة رأسمال صناعة السينما إلى مليار دولار وسط زيادة إنفاق الأسر على الترفيه من ثلاثة إلى ستة في المئة.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *